8 Nov 2012

مغامرات في الإمارات : دبي - أبو ظبي


٩ ليلاً: هبطت الطائرة في مطار دبي الدولي، قادمة من الدوحة. الرحلة دامت أقل من ساعة، لم أقرأ سوى فصل واحد من الكتاب الذي أخذته من والدي، وهو من تأليفه حول الأدب المقارن

مطار دبي ضخم فعلاً، تمشي وتمشي فيه وتشعر بأنك ستمشي بلا نهاية. لكنه منظم وأنيق ونظيف. لا أعرف إن كان هناك بلدان آخران في العالم مثل قطر والإمارات تتساوى عملتاهما. أخرجت ما معي من ريالات قطرية فأعطوني
بدلاً منها نفس القيمة تماماً بالدراهم الإماراتية

أمم متحدة


خرجت من المطار فوجدت نفسي في بحر بشري من أجناس تأتي من كل
 أصقاع المعمورة، رأيت ملامح آسيوية وافريقية وأوروبية وعربية. وخلال دقائق كنت قد سمعت عشر لغات مختلفة يتحدثها الناس. لم أشعر بأنني في بلد عربي، ولا حتى أجنبي. شعرت بأنني في مدينة تابعة للأمم المتحدة

 كنت قد قررت ألا أتصل بأحد من الأقرباء والأصدقاء ليأتي لاستقبالي في المطار. عشت سنوات طويلة في الغربة وتعودت ألا أجد أحداً يستقبلني بابتسامة أو قبلة أو ضمة. وقررت ألا أستقل سيارة أجرة لتقلني مباشرة إلى أبو ظبي. فقد عشت سنوات طويلة تنتظرني فيها سيارة لتقلني مباشرة إلى كل مكان، بحكم تنقلي في إطار عملي كمراسلة صحفية والذي يتطلب الوصول والإنجاز بأسرع طريقة ممكنة. سألت عن المواصلات العامة فقيل لي: المترو ثم حافلة إلى أبو ظبي. لكن كانت معي حقيبتا سفر ولا أعرف إن كان مترو دبي فيه ما يسهل الحركة مع حقيبتين

تاكسي للنساء

١٠ ليلاً: ريثما وقفت في طابور سيارات الأجرة خارج المطار تم توجيهي من قبل رجل إلى سيارة أجرة تقودها سيدة. نعم هناك طابور خاص لسيارات أجرة نسائية، مخصص للزبونات. السيارات عليها شريط وردي من فوق بدلاً من الشريط الأحمر لسيارات الأجرة العادية. أدهشني المشهد. على مسافة غير بعيدة من دبي يوجد بلد بأكمله لا يسمح فيه للسيدات بقيادة السيارة، وهنا تقود النساء السيارة لكسب لقمة العيش. يا للمفارقة! سائقتي إثيوبية تقود سيارة أجرة من عامين في دبي وقبلها كانت تعمل سائقة خاصة لدى سيدة. كانت كمثيلاتها من السائقات ترتدي زياً باللونين الأبيض والوردي يشمل حجاباً يغطي الرأس وقبعة، كقبعة سائقي الأجرة في الليموزين مثلاً لكن أنثوية. كانت عربيتها جيدة جداً تتحدثها بطلاقة وباستخدام كلمات خليجية وفصحى معاً. لا بد أنها سيدة متعلمة في بلدها


١٠،٢٥ ليلاً : وصلتُ محطة بر دبي حيث بحثت فوراً عن حافلة إلى أبو ظبي. لكن الحافلة التي تأتي عادة كل نصف ساعة لم تكن موجودة بل متأخرة، وكان هناك طابور طويل من المسافرين المنتظرين

أبو ظبي؟، سألني رجل آسيوي
 نعم ، أجبته بالانكليزية
عندنا سيارة أجرة مشتركة، فقط ٤٠ درهم

في واهد نفر

كنت أول الركاب. كان علي أن أنتظر أن يأتي ٦ ركاب آخرون كي تنطلق السيارة. أنا معتادة على هذه الخدمة المنتشرة في سوريا تحت اسم "سيرفيس". خشيت أن أكون المرأة الوحيدة في الرحلة - خاصة أنه سيكون تناقضاً عجيباً بعد تجربة تاكسي النساء - لكن سيدة فلبينية ظهرت، وكانت تريد الجلوس في المقعد الأمامي، فسألتْ الرجل الهندي

في هدا هيني؟ مال مين هاذا؟
في واهد نفر

ابتسمتُ أمام المحادثة بعربية مكسرة آسيوية وشعرت فعلاً أنني في الخليج، وعادت إلي صور وأصوات سنواتي السابقة في المنطقة

١١ ليلاً: امتلأت سيارة الأجرة بركاب من الهند ونيبال وبنغلادش والفلبين ومصر. وانطلقنا. لاحظت أن حافلة أبو ظبي لم تنطلق بعد فأيقنت أنني اتخذت قراراً صائباً. البداية كانت طريقاً سريعاً تملؤه على الطرفين دعايات ضخمة وملونة لشتى السلع، بالانكليزية والعربية. لاحظت، رغماً عني، الأخطاء النحوية واللغوية والإملائية في الجمل العربية القليلة المستخدمة في الدعايات. لكني تساءلت كم شخصاً غيري يلاحظها أو تهمه؟ 

تفرجت على ناطحات السحاب المضاءة ليلاً وبدت لي دبي مدينة حقيقية تعج بالحركة والناس والثقافات والحكايات

١١،٢٢ ليلاً: فجأة اختفت معالم المدنية تماماً وأصبحت الصحراء هي كل ما يُرى على اليمين واليسار، وبعض شجيرات نخيل متباعدة أحياناً ومتقاربة أحياناً أخرى. نام الجميع في السيارة إلا الفلبينية بجانبي، كانت تتبادل الرسائل على جوالها

على الطريقة المصرية

١٢ ليلاً تقريباً: وصلنا إلى أقرب نقطة من المكان الذي هو وجهتي في أبو ظبي، خارج المدينة، أي على بعد نصف ساعة أو أكثر من المحطة النهائية لسيارة الأجرة. أنزلني سائق الأجرة على طرف من الطريق العام وكان علي أن أعبر الطريق بحقيبتي الاثنتين وأقفز فوق السياج الفاصل لأصل إلى الطرف الآخر كي أجد سيارة أجرة توصلني إلى وجهتي النهائية. ما كان بالراكب المصري الشاب إلا أن يعرض المساعدة، وقبلتها بسرور، مع أني خشيت أن يتركه السائق ويمشي دونه

هل هناك أمهر من المصريين في عبور الشارع، مهما كان صعباً؟ تذكرت كيف اضطررت لركوب سيارة أجرة في القاهرة مرة من أجل عبور الشارع لأنني وقفت هناك مدة طويلة، عاجزة عن العبور 

استقبال قمري

تكلفة الرحلة بسيارة أجرة مباشرة من مطار دبي إلى وجهتي على مشارف أبو ظبي كانت ستكلفني ٢٨٠ درهماً تقريباً وكنت سأصل في ساعة ونيف. أما رحلتي المجزأة فكلفتني ١٢٧ درهماً وأوصلتني في ثلاث ساعات ونيف. ضعف المدة ونصف السعر، تقريباً

١٢،١٣ منتصف الليل: شاهدت نصف القمر من سيارة الأجرة وأنا أصل وجهتي، برتقالياً-أصفر وقد طلع في الأفق، طازجاً، يتسلق ببطء فوق السيارات وإشارات المرور. عرفت أنني وصلت في الوقت المناسب تماماً وأني اخترت أفضل الطرق التي انتهت تحت نظراته


٦ نوفمبر تشرين الثاني ٢٠١٢

 Read English version UAE Adventures : Dubai - Abu Dhabi النسخة الانكليزية 



No comments: